بحث

الحوثي والموساد.. خنجر واحد في خاصرة الأمة العربية

محمود الطاهر

لم يعد خافيًا على ذي بصيرة، ولا مستترًا عن عين فاحصة، ذلك التناغم العجيب، والتقاطع المريب، بين أهداف جماعة الحوثي الإرهابية، وتطلعات الكيان الصهيوني الغاصب في المنطقة. 

فبينما يصدح الحوثيون ليل نهار بشعارات الموت لأمريكا وإسرائيل، ويتباكون على فلسطين، إذا بهم يمدون أيديهم خفية وعلانية لأعداء الأمة، ويُسقطون الأقنعة تباعًا، ليكشفوا عن وجههم الحقيقي كأداة طيعة في يد من يتربصون بأمننا واستقرارنا.

لقد جاءت مقابلة أحد قياداتهم البارزة مع صحيفة "يديعوت أحرونوت" الإسرائيلية لتُسدل الستار عن مسرحية الهزل التي طالما أتقنوا أدوارها، فكيف لجماعة تدعي عداءها الأبدي لإسرائيل أن تجلس على مائدة حوار مع إعلامها، وتُفصح عن مكنوناتها وأهدافها؟ إنها ليست مجرد زلة لسان، ولا خطأ عابر، بل هي إقرار صريح، وإن جاء على استحياء، بأن هناك خيوطًا خفية تربط بين الطرفين، وأن المصالح المشتركة قد جمعت بين من يدعون العداء في العلن، ويتحالفون في الخفاء.

إن هذا الاختراق الإسرائيلي للقيادات الحوثية ليس إلا تأكيدًا لما دأبنا على قوله مرارًا وتكرارًا، أن الحوثي خنجر الموساد في خاصرة الأمة العربية، وكلاهما يخدمان بعضهما البعض في مشروع تدمير المنطقة.

إن ما كشفه هذا القيادي الحوثي من أهداف توسعية، ورغبة جامحة في "إعادة سيرة المسلمين التي باعتها السعودية والخليج والأنظمة العميلة"، ليس سوى ترجمة حرفية لأجندة إيرانية خبيثة، تتلاقى مصالحها مع أهداف الموساد في تمزيق المنطقة وتفتيت دولها. 

فالحوثي، بخطابه الطائفي ومشروعه المذهبي، لا يخدم إلا أجندة الفوضى التي يرتضيها الكيان الصهيوني، والتي تهدف إلى إضعاف الدول العربية، وإشغالها بصراعات داخلية، لتظل إسرائيل هي القوة الوحيدة المهيمنة في المنطقة. 

إنهم يزعمون أنهم لا يسعون للسلطة، بل لتطبيق مشروع "حسين الحوثي" في بناء دولة إسلامية، وهزيمة اليهود، في الوقت الذي يصافحون فيه أياديهم عبر صحفهم.. أي تناقض هذا؟ وأي نفاق هذا؟ إنها ازدواجية لا تنطلي إلا على من أعمى الله بصيرته.

أما عن افتخارهم بتحالفهم مع إيران، واعتبار الإيرانيين قدوتهم، وولاءهم لآيات الله الخميني وخامنئي، فذلك ليس بجديد.. فالحوثي لم يكن يومًا إلا ذراعًا إيرانية في اليمن، تنفذ أجندة طهران التوسعية، وتُسهم في نشر الفوضى والخراب في المنطقة.

إنها علاقة تبعية كاملة، تُظهر أن ولاء هذه الجماعة ليس لليمن وشعبه، بل لمشروع ولاية الفقيه الذي يهدف إلى بسط نفوذه على المنطقة بأسرها، خدمة لأجندات لا تختلف كثيرًا عن أجندات الكيان الصهيوني في إضعاف الأمة وتفتيتها. 

إنهم يرفعون شعارات المقاومة والممانعة، بينما هم في الحقيقة أدوات لتنفيذ مخططات أعداء الأمة، يضربون استقرارها من الداخل، ويفتحون الأبواب على مصراعيها للتدخلات الخارجية.

إن التداعيات الخطيرة لهذه المقابلة، وما كشفته من حقائق، لا يمكن تجاهلها، فالمشروع الحوثي، بدعمه الإيراني، واختراقه الإسرائيلي، يمثل تهديدًا وجوديًا للأمن القومي العربي، إنه يهدد بتصعيد التوترات الطائفية، وزعزعة استقرار دول الخليج، وتقويض أمن الملاحة في البحر الأحمر، وكلها أهداف تصب في مصلحة الكيان الصهيوني الذي يسعى دائمًا إلى إبقاء المنطقة في حالة من الفوضى والاضطراب. 

إنهم يزعمون أنهم يحاربون "العدوان" الأمريكي السعودي الصهيوني، بينما هم في الواقع يخدمون الأجندة الصهيونية بشكل مباشر أو غير مباشر، من خلال إضعاف الدول العربية وتفتيت وحدتها.

لقد آن الأوان لأن تستفيق الأمة من غفلتها، وأن تُدرك أن الحوثي والموساد وجهان لعملة واحدة، كلاهما يعمل على تمزيق أوصالنا، وإضعاف شوكتنا. 

إن مواجهة هذا الخطر المزدوج تتطلب تكاتف الجهود، وتوحيد الصفوف، وفضح هذه الأجندات الخبيثة، قبل أن يستفحل الداء، ويصعب العلاج.. فاليمن الذي كان دائمًا بوابة العروبة، لن يكون أبدًا خنجرًا في خاصرتها، مهما حاول العملاء والمأجورون.

إن التاريخ لن يرحم من باعوا أوطانهم، وتآمروا على أمتهم، وخدموا أعداءها تحت شعارات زائفة.. فالحقيقة ستظهر مهما طال الزمن، وسينكشف زيفهم أمام الجميع.

آخر الأخبار