بحث

الضربة الإسرائيلية على قطر.. اختبار للبلطجة ومفارقة في اليمن

محمود الطاهر

الضربة الإسرائيلية التي استهدفت الأراضي القطرية، تحت مبرر ملاحقة قيادة حركة حماس، لا يمكن النظر إليها باعتبارها مجرد عملية عسكرية محدودة، بل هي اختبار صارخ لاستمرار النهج الإسرائيلي القائم على البلطجة وتجاوز القوانين الدولية، في سعيها لفرض وقائع جديدة في المنطقة. 

الاعتداء الإسرائيلي على قطر، مثل صدمة على المستويين العربي والدولي، وأدى إلى تحرك واسع استنكر انتهاك السيادة القطرية، بما كشف أن إسرائيل تُغامر بدخول مرحلة عزلة سياسية قد تكون أكثر عمقًا من أي وقت مضى.

في المقابل، تبرز مفارقة لافتة في الموقف العربي من العمليات العسكرية ضد مليشيا الحوثي في اليمن، فالعرب، رغم رفضهم المبدئي لأي استهداف يطال دولة عربية ذات سيادة، لم يبدوا الرفض ذاته تجاه مواجهة الحوثيين، ويعود ذلك إلى إدراك راسخ بأن الحوثي لا يمثل كيانًا وطنيًا، بل هو أداة إيرانية تعمل على إضعاف الدولة اليمنية وتحويل اليمن إلى منصة تهديد للأمن القومي العربي، سواء عبر استهداف الملاحة الدولية أو زعزعة استقرار دول الجوار.

الفارق الجوهري هنا أن إسرائيل مشروع استعماري توسعي مستقل يعتمد على قوته الذاتية ودعم الولايات المتحدة، بينما الحوثي ليس سوى ذراع إيرانية تنفذ أجندة مفروضة، وهو اداة استعمارية فكرية، ما يجعله فاقدًا لأي استقلالية أو مشروعية سياسية، كلاهما –رغم اختلاف الأدوار– يلتقيان عند نقطة تهديد المنطقة: إسرائيل عبر مشروعها المباشر، والحوثي عبر كونه أداة لتمكين إيران.

إن الموقف العربي، حين يرفض استهداف قطر ويستنكر العدوان الإسرائيلي، وفي الوقت ذاته يدعم أي تحرك للحد من خطر الحوثيين، يعكس وعيًا استراتيجيًا بضرورة الفصل بين حماية سيادة الدول العربية المستقلة وبين مواجهة المليشيات المرتبطة بمشاريع خارجية.

المطلوب اليوم هو أن تتحول هذه المواقف إلى رؤية عربية موحدة تقوم على محورين:

الاول: حماية سيادة الدول العربية بشكل مطلق، ورفض أي مساس بها تحت أي ذريعة.

الثني: وضع استراتيجية إقليمية شاملة لردع الأذرع الإيرانية، وفي مقدمتها الحوثي، باعتبارها تهديدًا مشتركًا لا يقل خطورة عن إسرائيل نفسها.


بهذا التوازن، يمكن للعرب أن يحافظوا على وحدة الموقف السياسي، ويحموا سيادتهم الوطنية، وفي الوقت ذاته يتصدوا لمشاريع الهيمنة الخارجية التي تحاول فرض نفسها بأدوات مختلفة.

آخر الأخبار