بحث

اللعبة المزدوجة: كيف تحوّل “أمان ترامب” إلى فخ استراتيجي لإسرائيل وقطر معًا

اشجان عفاش

في كل الحروب الاستخباراتية الكبرى، يوجد شيء لا يُقال في البيانات الرسمية: “المكان الذي تُزرع فيه الألغام السياسية قبل أن تنفجر”. ما جرى في 9/9 على الأراضي القطرية ليس مجرد عملية اغتيال فاشلة أو ناجحة، ولا هو مجرد انتهاك للسيادة؛ إنه بداية انكشاف شبكة سرية معقّدة نسجتها أطراف متعددة منذ سنوات، شبكة ظن الجميع أنّها غير قابلة للاختراق.

ما وراء “أمان ترامب”: الاتفاق غير المكتوب
حين منحت إدارة ترامب قبل سنوات “أمانًا سياسيًا” لقادة حماس في قطر، بدا ذلك كأنه صفقة إنسانية أو قناة تفاوض. لكن في العمق، كان هذا الأمان فخًا مزدوجًا:

واشنطن أبقت يدها على ورقة حماس كورقة ضغط على إسرائيل. والدوحة احتفظت بدور “العاصمة البديلة” للاتصالات الخلفية بين واشنطن، حماس، وحتى أطراف إسرائيلية.

لكن نتنياهو قرأ اللعبة بطريقة مختلفة: رأى أن وجود حماس في قطر تحت حماية أمريكية يهدد احتكاره للقرار في ملف فلسطين، فبدأ – عبر الاستخبارات – يعمل على كسر هذه الحلقة.

الضربة الذي شنتها إسرائيل في 9/9: كشف العمق السري فما حدث في 9/9 لم يكن مجرد قرار عسكري إسرائيلي. بل خلفه ثلاثة أهداف استراتيجية دفنت في دهاليز القرار:

1. كسر الوهم الأمريكي بأن تل أبيب ستلتزم بضماناتها.
2. إرسال رسالة للدوحة بأن دورها الدبلوماسي أصبح عبئًا على إسرائيل.
3. جس نبض واشنطن: هل هي مستعدة لترك إسرائيل تتجاوز حتى “الأمان” الذي منحته هي نفسها؟

بهذا المعنى، الضربة لم تستهدف أشخاصًا فحسب؛ بل استهدفت بنية “القناة الخلفية” التي عاش عليها الملف الفلسطيني لسنوات.

التقاطعات الخفية: إسرائيل – واشنطن – الدوحة
كثيرون لا يرون أن الأزمة الحالية تكشف عن مستوى غير مسبوق من التعقيد في علاقة إسرائيل بأمريكا: إسرائيل قد لا تختبر قطر فقط، بل تختبر “الخط الأحمر” الأمريكي. بينما الدوحة لا تدافع عن ضيوفها فقط، بل تدافع عن مكانتها كلاعب محوري في إدارة الصراع. وواشنطن لا تحمي حماس لوجه الله، بل تحمي قناة تفاوض سرية تضمن لها النفوذ في كل الأطراف.

آخر الأخبار