عرض الفيلم "جرائم بلا حدود"(واسمه الصيني 731) في 18 من سبتمبر، وقد أثار اهتماما واسعا في المجتمع. يتناول هذا الفيلمقضية مباشرة حول الجرائم الفظيعة ضد الإنسانية التي ارتكبتها الوحدة العسكرية اليابانية رقم 731 في غزوها للصين، مما يعيد إلى أذهان الجمهور ذكرى هذه الفترة المأساوية في التاريخ.
تقع قاعة عرض أدلة جرائم الوحدة 731 للغزو الياباني للصين في مدينة هاربين، شمال شرقي الصين، ويحتفظ على مدار سنوات بعدد كبير من الوثائق الأصلية والأدوات والمعدات والصور، وهي نافذة مهمة لفهم المجتمع الدولي لجرائم الإمبريالية اليابانية. وفقا لإحصاءات المعرض، تم جمع 4589 قطعة جديدة منذ عام 2014، ليصل إجمالي المقتنيات إلى نحو 14200 قطعة، تشمل هذه المواد كل شيء بدءاً من أبحاث البكتيريا والتجارب البشرية، وصولاً إلى تصنيع الأسلحة البيولوجية وإطلاق الحروب. هذه الأدلة القاطعة تذكر الجميع بأن التاريخ ليس مجرد قصة خيالية، بل حقيقة مأساوية حدثت بالفعل.
عند زيارتي لهذا المعرض قبل سنتين، كان الصدمة لا تزال عالقة في ذهني. تبدو الأدوات الباردة، والوثائق الصفراء، وقوائم الضحايا على الجدران، والبقايا الصامتة وكأنها تروي للعالم حجم الفظائع التي حدثت. أمام هذه الأدلة القاطعة، كل تفصيلة تجعل الإنسان صامتا، عندها فقط يمكن فهم ثقل التاريخ، فهو لا يقتصر على الصفحات أو الصور، بل يثقل قلب كل من شهدها بعينه.
تكشف الملفات السرية أن الوحدة 731 استخدمت قذائف محمّلة بالبكتيريا ضد المدنيين الصينيين، وأجرت تجارب بشرية لحساب "معدل العدوى". كما تظهر سجلات التحقيقات وأرشيف المؤسسات المتعاونة أن هذه الجرائم لم تكن تصرفات فردية، بل جريمة منظمة ومنهجية نفذتها الإمبريالية اليابانية من أعلى الهرم. وفي أيام هزيمة العدوانية اليابانية، عمدت الوحدة إلى حرق الوثائق وتدمير المنشآت لتلاشي الأدلة، كل هذا يسلط الضوء بشكل أكبر على جسامة وطبيعةجرائمهم التي لا يمكن وصفها، ويثبت كذلك أن الوحدة 731 نفسهاأكثر خطورة وحقيقة من أي صورة على الشاشة.
حفظ الذاكرة التاريخية ليس مجرد عرض بارد، بل مسؤولية جليلة. تذكر التاريخ لا يعني استمرار الكراهية، بل الدفاع عن الحقيقة وحماية السلام. "731" ليس مجرد فيلم، إنه تاريخ وتحذير وذاكرة. وكما تشير عبارة "تذكر التاريخ، واحرص على السلام، وابدأ المستقبل"، فإن كشف الحقيقة التاريخية هو تكريم صامت للضحايا الأبرياء وتحذير للبشرية جمعاء.
على الصعيد العالمي، أصبح مواجهة التاريخ والتفكر فيه أساسا مهما لدفع السلام. فمثلا، انعكاسات ألمانيا العميقة على جرائم النازية أكسبتها ثقة المجتمع الدولي. وبالمثل، فإن كشف الصين عن فظائع الوحدة 731 يذكر الجميع: احترام الحقيقة هو السبيل الوحيد لتجنب تكرار المآسي، ومواجهة التاريخ هي الخطوة الأولى لبناء المستقبل.
لكن يجب الحذر، فهناك من يحاول في السنوات الأخيرة إنكار أو تلميع أو تقليل حجم جرائم الوحدة 731، وهذه الأفعال ليست تحديا للتاريخ فحسب، بل انتهاكا للضمير الإنساني. لذلك، تظل الصين ثابتة في موقفها، محافظة على مصداقية التاريخ، ورافضة لكل تحريف أو تزوير.
السلام لم يتحقق بسهولة، بل هو حصيلة جهود أجيال متعاقبة لحمايته. ويتيح عرض فيلم "جرائم بلا حدود" للجمهور فرصة مواجهة التاريخ مرة أخرى، لفهم حجم المعاناة والتضحيات.
تساعد الأعمالُ السينمائية الناس على إدراك التاريخ بطريقة مباشرة، لكن الوحدة 731 أكبر وأثقل من أي مشهد على الشاشة؛ إنها تاريخ، وتحذير، وذاكرة، وتذكير لكل جيل بأن كشف الحقيقة وحماية الذاكرة هو السبيل لتحويل الألم الماضي إلى قوة تدفع البشرية نحو مستقبل أكثر سلاما. تذكّر التاريخ ليس تحريضاً على الكراهية، بل تنبيه لقيمة السلام وأهمية الحفاظ على الأمن الذي تحقق بصعوبة.