الصين : تستضيف الفعاليات الثقافية الصينية السعودية
الناقد نت - خاص
بخيط وإبرة... كيف نسجت الفنون التقليدية جسرا ثقافيا بين الصين والسعودية؟
الاعلامية : جميلة ما شياو جينغ: TV CGTN
من 19 إلى 29 يونيو، استضاف متحف فن التطريز الصيني بمدينة سوتشو "برنامج الإقامة الحرفية وهو فعالية التبادل والإبداع المشترك في فن التطريز بين الصين والسعودية. شارك الفنانون من السعودية والصين في إبداع سلسلة من الأعمال الفنية بعنوان "العناصر الأربعة - المنبعان"، دمجت بين تقنيات التطريز الصيني التقليدي والزخارف المستوحاة من الرموز العربية. على نسيج من الحرير، التقت الثقافتان بخيوط دقيقة، لتكتبا معا فصلا جديدا دافئا وحيويا من التبادل الثقافي بين البلدين.
عندما يلتقي تطريز سوتشو الرموز الطوطمية السعودية: حوار جمالي خلف الإبرة والخيط
يُعد تطريز سوتشو واحدا من أشهر مدارس التطريز في الصين، نشأ في منطقة جنوب نهر اليانغتسي ويتميّز بدقة التكوين، ونعومة الألوان، ورهافة التقنية، ويبرع في تجسيد مناظر الطبيعة والزهور والطيور. وفي الفنون التقليدية السعودية، تلعب الزخارف المستوحاة من الطبيعة والرموز الهندسية والطوطم دورا مهما في التعبير عن الهوية.
في هذا المشروع المشترك، استلهم الفنانون من الجانبين رموز "العناصر الأربعة" الصينية والزخارف العربية، وجعلوا من خيوط الحرير جسرا فنيا يربط بين الجماليات والثقافات. لم يكن ذلك مجرد تفاعل تقني، بل اندماجا عميقا بين الرؤى الجمالية والفكر الثقافي لكل طرف.
من طريق الحرير إلى ورش الإبداع: جذور التلاقي الثقافي.
العلاقات الثقافية بين الصين والعالم العربي ضاربة في القدم. فمنذ عهد أسرتي تانغ وسونغ، نقل طريق الحرير البحري الحرير والخزف الصيني إلى شبه الجزيرة العربية، فيما وصلت التوابل والطب وعلم الفلك العربي إلى الصين.
تتلاقى الحضارتان أيضا في النظرة المشتركة إلى رمزية الطبيعة وقدسية الحياة، كما تُوليان أهمية كبيرة للحرف اليدوية، لا سيما تلك التي تنتقل عبر الأجيال داخل الأسرة، وغالبا ما تكون من إبداع النساء.
هذا التلاقي الثقافي العميق شكّل أساسا قويا لهذا التعاون المعاصر في مجال الفنون اليدوية.
ما وراء العرض: نحو إبداع مشترك ومتبادل
تميزت هذه الفعالية بتركيزها على "الإبداع المشترك" بدلا من العرض الأحادي. لم يكتف الفنانون بتقديم أعمال جاهزة، بل صمّموا الرسوم واختاروا الألوان وناقشوا التقنيات سويا، في تجربة تعكس روح التعاون والتفاهم المتبادل.
هذا التوجه يمثل ملامح جديدة في العلاقات الثقافية بين الصين والسعودية، حيث تنتقل من النمط التقليدي للتبادل، إلى نموذج أكثر تفاعلا ومشاركةً.
ومع التلاقي الاستراتيجي بين مبادرة "الحزام والطريق" ورؤية "السعودية 2030"، يتوسع التعاون ليشمل مجالات كالأفلام، والمتاحف، وتعليم اللغة، والتراث غير المادي، مما يجعل الثقافة مجالا واعدا في الشراكة المستقبلية.
الثقافة... القوة الأعمق والأبقى
خيط حريري قد يبدو هشا، لكنه قادر على ربط الحرف بالتقاليد، والمهارة بالفهم المتبادل. إن دمج تطريز سوتشو بالرموز البصرية السعودية يعكس كيف يمكن للفنون التقليدية أن تتجاوز حدود اللغة والمسافة، وتخلق صلات إنسانية أصيلة.
ومع ازدياد المبادرات الثنائية التي تُشجّع على التبادل الثقافي الحقيقي، تواصل العلاقات الصينية السعودية نَسْج لوحة من الصداقة المتينة، متعددة الألوان، وغنية بالدلالات الإنسانية.