بحث

وزير الإعلام : تصريحات السفير البريطاني صادما ويفضح كواليس التآمر على الشرعية


الأحد 01/يونيو/2025 - الساعة: 6:53 ص

الناقد نت - متابعات

‏ تصريحات السفير البريطاني السابق لدى اليمن، إدموند فيتون-براون، تمثل شهادة صادمة تُعري جانبا مسكوتا عنه من أسباب استمرار الأزمة اليمنية وتعقيداتها، فحين تصدر هذه الكلمات عن مسؤول غربي رفيع خدم في اليمن خلال واحدة من أكثر مراحلها حساسية، فإنها لا تعبر عن موقف شخصي عابر، بل عن تقييم عميق لأخطاء ممنهجة في طريقة تعاطي المجتمع الدولي مع القضية اليمنية

‏لقد سلط السفير الضوء على خلل بنيوي خطير تمثل في تسليم مفاتيح التأثير السياسي، في ملفات شديدة الحساسية، لمنظمات تدّعي الحياد والإنسانية، لكنها مارست في الواقع ضغوطا ذات طابع سياسي محض، ساهمت في حرف بوصلة الموقف الدولي، وتقديم سردية تخدم الجناة لا الضحايا، والمليشيا لا الدولة، والفوضى والارهاب لا السلام

‏كشفت تلك التصريحات بوضوح ودون مواربة، عن حجم التأثير السلبي الذي مارسته عدد من المنظمات الإنسانية الدولية على القرار السياسي الغربي، حين تحوّلت منظمات كـ"أوكسفام" و"العفو الدولية" ومكتب تنسيق الشؤون الإنسانية، إلى أدوات ضغط سياسي، تجاوز نفوذها أحيانا وزارات الخارجية، لتُفرض على اليمن والمنطقة خيارات كارثية بحجة "الاعتبارات الإنسانية"

ما سُمي بـ"اللوبي الإنساني" لم يكتفِ بتقويض جهود استعادة الدولة، بل ساهم فعليا في محاولة شرعنة وجود مليشيا مسلحة انقلابية وارهابية، عبر الدفع نحو اتفاقات هزيلة كاتفاق ستوكهولم، الذي أوقف معركة تحرير محافظة الحديدة، وأعاد ترتيب المشهد لصالح الحوثيين، ومنحهم أدوات ابتزاز سياسي وعسكري، ما زال اليمنيون والمنطقة والعالم برمته يدفع ثمنه حتى اليوم

‏واليوم، يدفع الشعب اليمني الثمن فادحاً "ملايين يعانون من الجوع، والانهيار الاقتصادي، وغياب الخدمات، وتمدد المليشيا الإرهابية على حساب مؤسسات الدولة"، وكل ذلك نتيجة مباشرة لانحراف البوصلة الدولية بفعل الضغوط “الإنسانية” التي قدمت غطاءً غير مباشر للحوثيين، وساهمت في إطالة أمد الانقلاب ، بدلا من إنهائه

 إن هذا التدخل غير المحايد للمنظمات الدولية، وفرضها لخيارات سياسية تتعارض مع قرارات مجلس الأمن ذات الصلة، يشكل خرقاً صارخاً للمبادئ التي أُسست عليها تلك المنظمات، ويضع علامات استفهام قانونية وأخلاقية حول دورها، ويستدعي مساءلتها عن تجاوزها لاختصاصاتها، وتسببها في عرقلة جهود استعادة الدولة، في مخالفة واضحة للقانون الدولي الإنساني وميثاق الأمم المتحدة

‏هذه الشهادة تعيد طرح الأسئلة الكبرى: من الذي يصوغ السياسات الدولية في اليمن؟ ولماذا يُسمح لمنظمات يفترض أنها إنسانية أن تُملي شروطا سياسية تتعارض مع القانون الدولي، ومع القرارات الأممية التي تنص بوضوح على دعم الحكومة اليمنية الشرعية؟

‏إن ما كشفه فيتون-براون يجب ألا يُدفن في زحام الأخبار، بل يجب أن يُشكل دافعا لمراجعة جذرية لكل المقاربات الغربية في الملف اليمني، وللخروج من أسر الخطاب الإنساني الذي حوله الحوثيون إلى درع يحمي مشروعهم الطائفي العنيف

‏لقد آن الأوان أن يُسقط المجتمع الدولي أوهام الحياد الزائف، ويتعامل مع الحقائق كما هي: هناك انقلاب، وهناك مليشيا إرهابية مدعومة من إيران، وهناك شعب يسعى لاستعادة دولته، وليس "طرفين متنازعين" في نزاع إنساني غامض كما تحب بعض التقارير الصادرة عن منظمات دولية أن تصفه

متعلقات:

آخر الأخبار