التصعيد الأمريكي : مرحلة رفع الكلفة تهدد المدنيين والتحرك البري بات واجب وطني
الناقد نت : خاص
تشهد الساحة اليمنية تحولًا خطيرًا في نمط التدخل الأمريكي، مع دخول ما يُعرف بـ"مرحلة رفع الكلفة"، وهي المرحلة التي غالبًا ما تلجأ إليها الولايات المتحدة بعد فشلها في تحقيق أهدافها العسكرية عبر التدخل المباشر أو الحرب بالوكالة.
هذا النمط الذي تكرر في فيتنام، العراق، وأفغانستان، يُنذر بكارثة إنسانية جديدة في اليمن، يكون المدنيون فيها هم الهدف الأول.
مرحلة "رفع الكلفة".. عندما تفشل أمريكا وتنتقم من الشعوب :
في التجارب السابقة، اتّضح أن الفشل العسكري الأمريكي لا يعني الانسحاب الفوري، بل الدخول في مرحلة من العقاب الجماعي للبيئة الحاضنة للخصم. وتتلخص هذه المرحلة في:
قصف المنازل وتدمير البنية التحتية.
استهداف المناطق المدنية بحجة وجود مقاتلين فيها.
نشر الرعب والمعاناة الإنسانية لإضعاف معنويات الطرف المقابل.
وهذا ما شهدناه بوضوح في فيتنام، حيث استخدم الجيش الأمريكي القنابل لحرق القرى، ما أدى إلى مقتل مئات الآلاف ودمار بيئي واسع.
العراق وأفغانستان.. شواهد حية على عقيدة "رفع الكلفة:
في العراق، بعد إسقاط النظام السابق، لم تستطع القوات الأمريكية الحسم في مواجهة المقاومة، فلجأت إلى سياسة تدمير الأحياء واعتقال المدنيين وتكثيف الضربات الجوية، ما أدى إلى رفع الكلفة الإنسانية بشكل كارثي.
أما في أفغانستان، وبعد عقدين من الحرب دون نصر، استخدمت أمريكا الطائرات المسيرة بشكل مكثف، ما أدى إلى مقتل الآلاف من المدنيين وتدمير قرى بأكملها، في محاولة للضغط على طالبان عبر استهداف بيئتها الاجتماعية.
اليمن في قلب الإعصار.. المدنيون في مرمى "الانتقام :
اليوم، تتكرر ذات السياسات في اليمن. فبعد فشل الضغوط السياسية والعسكرية في إضعاف جماعة الحوثي، يبدو أن واشنطن دخلت في مرحلة "رفع الكلفة"، مستهدفةً ما تسميه بـ"البيئة الحاضنة للحوثيين"، وهو ما يعني عمليًا قصف القرى، البيوت، وحتى المدنيين الأبرياء.
وبما أن الحوثيين يقاتلون بنمط حرب العصابات وليس كجيش نظامي، فإن المدنيين في مناطقهم يتحولون إلى أهداف غير مباشرة في سياق محاولة "كسر الإرادة" الشعبية.
التحرك البري النظامي.. ضرورة وطنية لحماية المدنيين :
أمام هذا التصعيد، يصبح التحرك العسكري البري من قِبل القوات النظامية والمقاومة اليمنية واجبًا وطنيًا لا يحتمل التأجيل.
ليس فقط لتحقيق توازن ميداني، بل لحماية المدنيين من آلة العقاب الجماعي، ولمنع أمريكا من مواصلة تكرار سيناريوهاتها التدميرية السابقة.
إن غياب التحرك المنظم سيُبقي الميدان مفتوحًا أمام الضربات الجوية العشوائية، وسيدفع اليمنيون ثمنًا باهظًا من دمائهم ومعيشتهم واستقرارهم.
لا بديل عن الفعل الميداني المنظم:
المرحلة الحالية تتطلب أعلى درجات المسؤولية الوطنية من كل القوى المناهضة للحوثي، إذ لم يعد الصراع مجرد نزاع سياسي، بل مسألة بقاء شعب تحت تهديد استراتيجي خارجي ممنهج.
ومثلما كانت المرحلة العسكرية الأولى بحاجة إلى صبر، فإن المرحلة الحالية بحاجة إلى قرار وطني شجاع يعيد ترتيب أوراق المواجهة، ويضع حماية المدنيين في صدارة الأولويات.