سلطنة عُمان : بين الحياد والدعم السري: هل آن أوان كشف اللعبة المزدوجة؟
الناقد نت - متابعات
منذ 2015: ممر خلفي للأسلحة والتمويل
منذ اندلاع الحرب في اليمن عام 2015، لعبت سلطنة عُمان دورًا لا يمكن تجاهله في مساعدة جماعة الحوثي، وفقًا لتقارير متعددة صدرت عن جهات دولية وأممية. فقد وفرت مسقط ممرًا لتهريب الأسلحة الإيرانية إلى الحوثيين، وأسهمت في تمكينهم من الوصول إلى النظام المالي الدولي، في وقت تحاول فيه الولايات المتحدة عزل الجماعة ومنع تمويلها.
في عام 2017، دخلت طائرات بدون طيار تستخدمها الميليشيا الحوثية إلى اليمن عبر الحدود العُمانية، بحسب تقرير من Conflict Armament Research. وفي 2018، لاحظت لجنة تابعة للأمم المتحدة أن صواريخ بركان-2H، التي استخدمها الحوثيون ضد أهداف سعودية، ربما وصلت عبر طريق بري من عُمان.
ذهبٌ ونقودٌ وأجهزة عسكرية: طريق المهرة لا يزال مفتوحًا
لم يقتصر الدعم على الأسلحة. ففي 2017، تم ضبط شاحنة محملة بـ3.42 مليون دولار نقدًا وكمية من الذهب على الحدود العُمانية اليمنية، كانت في طريقها لدعم الحوثيين، كما أفادت وول ستريت جورنال.
وفي العام الماضي، تم ضبط معدات عسكرية متطورة، من بينها أنظمة دعم لطائرات بدون طيار وأجهزة تشويش راداري، في معبر صرفيت بمحافظة المهرة اليمنية. ويُعتقد أن هذه المعدات كانت تهدف إلى دعم الهجمات الحوثية على السفن في البحر الأحمر.
البنوك العُمانية: شريان مالي مفتوح للحوثيين:
في الوقت الذي تُفرض فيه عقوبات مشددة على الحوثيين وإيران، تتيح البنوك العُمانية للحوثيين المقيمين في السلطنة إمكانية استخدام النظام المالي الدولي، بما في ذلك التعاملات بالدولار الأمريكي. هذا الواقع يخلق ثغرة خطيرة في نظام العقوبات الدولي، ويمنح الجماعة الإرهابية قدرة على المناورة والتمويل المستمر.
لقاءات دورية وتنسيق إيراني حوثي في مسقط:
تستمر اللقاءات المنتظمة بين مسؤولين إيرانيين وقيادات حوثية على الأراضي العُمانية. ومؤخرًا، التقى رئيس الأركان العماني الفريق أول عبد الله الرئيسي بنظيره الإيراني محمد باقري في طهران، لبحث التعاون الدفاعي وسط تصاعد التوترات.
من المرجح أن تكون هذه اللقاءات أكثر من مجرد محادثات دبلوماسية، بل تنسيقات عسكرية واستخباراتية تدعم نشاط الحوثيين ميدانيًا.
عُمان تلعب على الحبلين: وسيط سلام أم شريك خفي؟
تعتمد عُمان على سمعتها كوسيط محايد بين إيران والغرب. فقد استضافت محادثات الاتفاق النووي الأمريكي الإيراني في عهد أوباما، وسهلت لاحقًا المفاوضات بين إدارة بايدن وطهران. حتى أن تقريرًا لمجلس الشيوخ عام 2018 أكد أن البنوك العُمانية، وبناءً على طلب إدارة أوباما، ساعدت إيران في الوصول إلى احتياطاتها المالية بعد توقيع الاتفاق النووي.
لكن هذا لا يُعفي السلطنة من مسؤولية التورط في تسهيل نشاطات الجماعات الإرهابية. لا يمكن لمسقط أن تواصل الاستفادة من علاقاتها الجيدة مع واشنطن، في الوقت الذي تُقدم فيه دعمًا حاسمًا لأذرع إيران في المنطقة.
التحذير الأخير: لا صداقة دون التزامات :
مع تصنيف الحوثيين مؤخرًا كمنظمة إرهابية أجنبية من قبل إدارة ترامب، تمتلك الولايات المتحدة الأساس القانوني لمطالبة عُمان بإغلاق مكاتب الحوثيين على أراضيها وترحيل قادتهم.
وإذا لم تستجب، فعلى واشنطن أن تدرس فرض عقوبات على الأفراد والجهات العُمانية المتورطة في دعمهم. استمرار الصمت الأمريكي سيُفهم على أنه ضوء أخضر لمزيد من الفوضى.
مصالح مشتركة أم شراكة في زعزعة الاستقرار؟
لا يمكن إنكار أن لعُمان مصالح استراتيجية مع إيران، نظرًا للموقع الجغرافي الحساس الذي تتشاركه الدولتان عند مضيق هرمز. لكن التواطؤ في دعم جماعات مسلحة يعرض استقرار المنطقة للخطر. وقد حان الوقت للولايات المتحدة أن تواجه الحقيقة: الصمت عن الدور العُماني لم يعد خيارًا.
بقلم: جوناثان شانزر
المدير التنفيذي لمؤسسة الدفاع عن الديمقراطيات (FDD)