بحث

مجلس الدفاع الوطني يصف المجلس الانتقالي بالتمرد ويطلب تدخل التحالف لحماية حضرموت


الجمعة 26/ديسمبر/2025 - الساعة: 10:33 م

الناقد نت - خاص

دخلت الأزمة في المحافظات الشرقية لليمن مرحلة غير مسبوقة، مع تصعيد سياسي وقانوني واضح من قبل مجلس القيادة الرئاسي، عقب التطورات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة، والتي اعتُبرت تجاوزاً خطيراً للمرجعيات الناظمة للمرحلة الانتقالية، وتقويضاً مباشراً لجهود الوساطة الإقليمية.

ففي خطوة لافتة، تقدّم رئيس مجلس القيادة الرئاسي بطلب رسمي إلى قوات تحالف دعم الشرعية في اليمن لاتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين في محافظة حضرموت، ومساندة القوات المسلحة اليمنية في فرض التهدئة، وضمان حماية جهود الوساطة التي تقودها المملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة.

هذا الطلب، الذي جاء في ذروة التصعيد الميداني، عكس تقديراً رسمياً من القيادة الشرعية بأن الوضع الأمني خرج عن مسار الاحتواء السياسي، وأن حماية المدنيين والسلم المجتمعي باتت تتطلب غطاءً عسكرياً مباشراً من التحالف، في إطار الشرعية المعترف بها دولياً.

وبالتوازي مع ذلك، عقد مجلس الدفاع الوطني اجتماعاً موسعاً برئاسة رئيس مجلس القيادة الرئاسي، وبحضور عدد من أعضاء المجلس، ورئيس مجلس النواب، ورئيس مجلس الوزراء، ورئيس مجلس الشورى ونوابهما، وهيئة التشاور والمصالحة، إلى جانب القيادات العسكرية والأمنية العليا، ومحافظ محافظة حضرموت. 

واطلع الاجتماع على تقارير رسمية بشأن المستجدات في المحافظات الشرقية، والانتهاكات الجسيمة بحق المدنيين التي رافقت التحركات العسكرية للمجلس الانتقالي الجنوبي، بما في ذلك الهجمات التي شهدها وادي نحب بمحافظة حضرموت خلال الساعات الأخيرة.

واعتبر مجلس الدفاع الوطني أن هذا التصعيد، المستمر منذ مطلع الشهر الجاري، يمثل خرقاً صريحاً لمرجعيات المرحلة الانتقالية، وفي مقدمتها إعلان نقل السلطة واتفاق الرياض، وذهب أبعد من ذلك بتوصيف هذه التحركات على أنها تمرد على مؤسسات الدولة الشرعية، وتقويض مباشر لجهود الوساطة السعودية الإماراتية.

ويمثل هذا التوصيف سابقة سياسية وقانونية في تعاطي الدولة اليمنية مع المجلس الانتقالي الجنوبي، حيث جرى لأول مرة توصيفه رسمياً كطرف متمرد، وليس كمكوّن سياسي شريك داخل إطار الشرعية، وهو ما يعكس تحولاً جذرياً في موقف القيادة الرئاسية إزاء سلوكه العسكري الأخير.

وأقرّ مجلس الدفاع الوطني جملة من الإجراءات والتدابير الهادفة إلى حماية المدنيين، وصون المركز القانوني للدولة، وفرض هيبتها على مختلف المستويات السياسية والأمنية والاقتصادية والإدارية، في إشارة إلى أن خيارات الدولة لم تعد محصورة في البيانات السياسية أو الوساطات، بل باتت تشمل أدوات الردع المنظم تحت مظلة الشرعية.

ويرى مراقبون أن الجمع بين الطلب الرسمي الموجّه للتحالف، وتوصيف المجلس الانتقالي بالتمرد، يؤسس لمرحلة جديدة من إدارة الأزمة، عنوانها الانتقال من الاحتواء السياسي إلى فرض التهدئة بالقوة عند الضرورة، مع منح الوساطة الإقليمية فرصة أخيرة قبل الانزلاق إلى مواجهات أوسع.

كما يحذّر محللون من أن استمرار هذا التصعيد الداخلي داخل معسكر الشرعية، مهما كانت مبرراته، يحمل مخاطر استراتيجية، أبرزها تشتيت الجهد العسكري والسياسي في مواجهة مليشيا الحوثي، ومنحها هامشاً إضافياً للمناورة وإعادة التموضع، في وقت يفترض فيه توحيد الصف لمواجهة التحديات الكبرى.

في المحصلة، تكشف هذه التطورات أن حضرموت باتت في قلب معادلة دقيقة تجمع بين الأمن والسياسة والسيادة، وأن أي فشل في احتواء التصعيد قد لا ينعكس على المحافظة وحدها، بل على مسار الأزمة اليمنية برمتها، في لحظة إقليمية شديدة الحساسية، تتقاطع فيها حسابات الاستقرار مع توازنات النفوذ ومستقبل الدولة اليمنية.

متعلقات:

آخر الأخبار