بحث

زيارة لي تشيانغ إلى القاهرة : محطة استراتيجية في مسار الشراكة الصينية العربية


الجمعة 04/يوليو/2025 - الساعة: 12:38 ص

الناقد نت - خاص

في زمن تتبدل فيه خرائط النفوذ وتُعاد فيه صياغة التحالفات الدولية، تبرز العلاقات الصينية–المصرية كنموذج متجدد لشراكة تقوم على الاحترام المتبادل والرؤية التنموية المشتركة. ومع الإعلان عن زيارة رئيس مجلس الدولة الصيني لي تشيانغ إلى القاهرة يومي 9 و10 يوليو الجاري، تتجه أنظار المهتمين بالعلاقات الدولية إلى ما تحمله هذه الزيارة من رسائل سياسية واقتصادية عميقة، لا لمصر وحدها، بل للمنطقة بأسرها.
 
الصين ومصر: شراكة تتجذر وتتشعب
 
تمتد جذور العلاقات الصينية–المصرية لأكثر من سبعة عقود، إذ كانت مصر أول دولة عربية وإفريقية تعترف بجمهورية الصين الشعبية عام 1956. ومنذ ذلك الحين، تطورت هذه العلاقة من مجرد صداقة سياسية إلى شراكة استراتيجية شاملة، تعكس الثقة العالية بين قيادتي البلدين.
 
وتأتي زيارة لي تشيانغ في هذا السياق لتعزيز التفاهم الاستراتيجي، وتوسيع آفاق التعاون في مجالات البنية التحتية، والاستثمار، والطاقة، والابتكار التكنولوجي، بما يخدم تطلعات الشعبين ويعكس حرص الصين على دعم الاستقرار والتنمية في العالم العربي.
 
أهداف الزيارة: من التعاون إلى التكامل
 
الدفع بالتعاون الاقتصادي إلى آفاق أرحب
 
تُعد الصين الشريك التجاري الأول لمصر، وتلعب الشركات الصينية دوراً محورياً في تنفيذ مشاريع عملاقة مثل العاصمة الإدارية الجديدة، ومناطق صناعية في قناة السويس. وتسعى بكين من خلال هذه الزيارة إلى تعزيز الاستثمارات النوعية في مجالات التكنولوجيا المتقدمة، والصناعة الذكية، والطاقة النظيفة، بما يعزز التنمية المستدامة في مصر.
 
تكامل استراتيجي في القضايا الدولية
 
تُظهر الصين التزامها بدعم مصر في مختلف المحافل الدولية، وتدعم جهودها في استعادة التوازن الإقليمي، خاصة في ما يتعلق بالقضية الفلسطينية والأمن في الشرق الأوسط. كما يتوقع أن تتناول المحادثات سبل تعزيز التنسيق في  إطار مبادرة “الحزام والطريق”، حيث تُعد مصر ركناً رئيسياً في المسار البحري للمبادرة.
 
تعزيز التبادل الثقافي والإنساني
 
الروابط بين الشعبين الصيني والمصري ليست وليدة اللحظة، بل تقوم على عمق حضاري يمتد لآلاف السنين. ومع تزايد السياحة الصينية إلى مصر، والنشاط المتزايد لمعاهد كونفوشيوس، والتعاون الإعلامي والثقافي، تسعى بكين إلى توطيد جسور التفاهم بين الشعبين، وتقديم نموذج عالمي للحوار بين الحضارات.
 
قراءة في دلالات التوقيت
 
زيارة لي تشيانغ ليست حدثاً دبلوماسياً عادياً، بل تجسيداً عملياً لتوجه الصين نحو تعميق علاقاتها مع العالم العربي وأفريقيا. في ظل التوترات الجيوسياسية، تُثبت الصين مرة أخرى أنها شريك تنموي يعتمد عليه، يسعى إلى حلول سلمية وعملية في آنٍ واحد، دون تدخل أو إملاء.
 
وفي المقابل، تجد القاهرة في الصين شريكاً يحترم السيادة الوطنية، ويدعم جهود التنمية الشاملة، ويُقدم نموذجاً مختلفاً للعلاقات الدولية يقوم على المنفعة المتبادلة والنهج العملي بعيداً عن الاصطفافات التقليدية.
 
في عالم يسير نحو التعددية القطبية، تُمثل زيارة لي تشيانغ إلى مصر خطوة إضافية نحو بلورة شرق أوسط أكثر استقراراً وتكاملاً. وهي مناسبة لإعادة تأكيد التزام الصين الصادق بدعم قضايا التنمية والسلام في المنطقة، وتأكيد أن “الشراكة الصينية–المصرية” ليست مجرد شعار، بل مسار طويل من العمل المشترك، والبناء، والتطلعات الواعدة.

تقرير : عبدالعزيز سلام

الإعلامي بالتلفزيون الصيني 

متعلقات:

آخر الأخبار