بحث

بين القراصنة الصوماليين والحوثيين.. من نجح في البحر ومن أفلس في السياسة


الأربعاء 16/يوليو/2025 - الساعة: 10:43 ص

الناقد نت - خاص

عمليات القراصنة الصوماليين: جرأة بحرية وعائدات مالية ضخمة :

على مدى أكثر من عقد، نفذ القراصنة الصوماليون ما يزيد على 1300 هجوم مسلح على سفن تجارية في المحيط الهندي وخليج عدن، وتمكنوا من اختطاف ما يقارب 200 سفينة بنجاح.

هذه العمليات لم تكن مجرد أعمال عنف عشوائية، بل جرت وفق نمط من الاحتجاز والتفاوض المنظم مع شركات التأمين المالكة للسفن المختطفة.

بحسب تقارير أمنية بحرية، وصلت بعض الفدى المدفوعة مقابل إطلاق السفن إلى مبالغ غير مسبوقة، كان أعلاها 13 مليون دولار دُفعت لإطلاق سفينة شحن كورية، حيث تم إسقاط الأموال من طائرات مروحية على ظهر السفينة قبالة السواحل الصومالية.

نجاح هذه العمليات استند إلى عنصر الحسم البحري، والانضباط في التفاوض، وغياب أي غطاء سياسي أو طائفي يعطل الهدف المالي البحت لتلك الجماعات.

الحوثيون في البحر الأحمر: تكرار الفشل وتراجع التهديد :

في المقابل، دخل الحوثيون مسرح البحر الأحمر بمحاولات لخطف السفن على غرار القراصنة، لكن دون نتائج ملموسة.

أحدث المحاولات تمثلت في السيطرة على سفينة جالكسي ليدر، حيث طلب الحوثيون فدية قدرها 10 ملايين دولار، غير أن الشركة المالكة للسفينة رفضت العرض، ولم تعرض أكثر من مليوني دولار.
انتهت العملية إلى الفشل الكامل، دون تحقيق أي مكسب مادي أو سياسي.

كما أخفقت الجماعة المسلحة مؤخراً في محاولتين لاختطاف سفن جديدة، بعدما أدت شدة الهجوم البحري إلى إتلاف جسم السفن، ما جعل من الصعب سحبها إلى غاطس أو موانئ محافظة الحديدة.


الهجوم المفرط جاء بنتائج عكسية، إذ أضعف القدرة اللوجستية للجماعة في جر السفن، بل عرّضها للمراقبة الدولية والعقوبات البحرية المتزايدة.


الخسارة المزدوجة: ثلاث موانئ بيد التحالف.. ومصير الحديدة في المجهول :

تسببت هذه المغامرات العسكرية غير المحسوبة في خسارة اليمن لثلاثة موانئ بحرية مهمة، وهو ما يشير إلى تضاؤل سيطرة الحوثيين على الممرات البحرية، وتراجع قدرتهم على استثمار الموقع الجغرافي كمكسب استراتيجي.
التقديرات الميدانية تشير إلى أن معركة الحديدة باتت وشيكة، وربما تمتد إلى ميدي، وهو ما يُنذر بتفكك النفوذ البحري المتبقي للجماعة.


معركة محسومة تبدأ من البحر :

اليوم، يقف الحوثي على حافة معركة خاسرة، بعدما استهلك آخر أوراقه في بحر لم يعد يتحمل مقامرته.
أما الغد، فهو صوت الموانئ المحررة، وواقع جديد تفرضه التحالفات البحرية والإرادة الدولية التي لن تسمح بتهديد طريق التجارة العالمي مجدداً.

ما لم يدركه الحوثي حتى اللحظة، هو أن البحر ليس امتداداً للخطاب الدعائي، بل حلبة صامتة لا تسامح الفشل.
في معارك الممرات، لا مكان للشعارات، بل للقدرة الفعلية على التحكم والبقاء، وهو ما بدأ يتلاشى تدريجياً من يد الميليشيا.

من الحديدة إلى الانهيار:

القادم يتجاوز الحديدة، ويتجه نحو سقوط المشروع الحوثي برمته، بعدما تآكلت أدواته السياسية والعسكرية.
بينما يُقرع طبل الحرب هذه المرة بلا حلفاء ولا غطاء دولي، يبدو الحوثي كما لم يكن من قبل: منفرداً في قراره... ومحاصراً في خياراته.

متعلقات:

آخر الأخبار